/ الفَائِدَةُ : (67) /

23/04/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / خطورةُ الترادف بأَنْوَاعِهِ الثلاثة في مقامِ الْاِسْتِنْبَاطِ / / الفارق بين تجديد الدِّين والبِدْعَة/ / معنى تنامي العلوم : اِسْتِخْرَاجُ ما في كُنُوزِ الْبَدِيهِيَات / يجدر الْاِلْتِفَات في المقام الى القضية التالية ، وهي : أَنَّه لا يمكن للباحث في أَبواب المعارف التَّحقيق والوصول لحقيقة معيَّنة ؛ والتثبُّت منها عبر لسان فارد ، وإِلَّا وقع في خطأٍ فاحشٍ ، بل لا تتمُّ نباهة الباحث في أَبواب المعارف ولا تتوسَّع أَبحاثه ، ولا يصل إِلى النتائج الحقَّة ـ بالموازين العلميَّة ، والشواهد والدلالات المُعتبرة علميَّة أَو لفظيَّة ؛ بحيث لا تتناقض تلك النتائج ولا تتخالف مع مُحْكَمَات الدِّين ـ إِلَّا بعد الاِلتفات إِلى : (التَّرادف اللُّغوي اللَّفظي)، و(التَّرادف العقلي المعنوي)، و(التَّرادف الوجودي التَّكويني والتَّلازمات الواقعيَّة). وهذا هو الفارق بين تجديد الدِّين وإِحيائه ، والبِدْعَة والاِنحراف عن جادَّة الاِستقامة ؛ فمَا وافق مُحْكَمَات وبدیهیَّات الكتاب الكريم ؛ ومُحْكَمَات وبديهيَّات السُّنَّة الشَّريفة فخذوه ، وما خالفهما فذروه . وهذه الضَّابطة لا تختصُّ بعلوم الوحي الإِلٰهيّ ، بل تشمل أَيضاً طُرّ العلوم ، فالبحث في علم : (الفيزياء)، و(الكيمياء)، و(الرياضيَّات)، و(الهندسة)، و(الطب) وَهَلُمَّ جَرّاً ، وتَبَنِّي نظريَّاتها وَأَبحاثها لا يمكن أَنْ يكون حقّاً إِلَّا إِذا لم يتصادم مع بديهيَّات ذلك العلم ؛ فإِنَّ بديهيَّات العلوم وحي مُنْزَل ، فإِذا تطابقت وتوافقت وتناغمت وتلائمت وترابطت هذه الأَبحاث ، والنَّتائج ، والنَّظريَّات مع بديهيَّات العلم فدليل علىٰ استخراجها من كبد وكنوز الْبَدِيهِيَات ؛ فتكون حقَّة ، وهذا هو معنىٰ : تنامي وتطوُّر العلوم ، فإِنَّه يعني : فَتَقَ واِسْتِخْرَاج ما في كنوز الْبَدِيهِيَات . إِذَنْ : لا بُدَّ من الرجوع إِلى المُحْكَمَات والبديهيَّات ؛ فإِنَّها الميزان والمنبع . نعم، لَـمَّا كانت المُحْكَمَات والْبَدِيهِيَات بنود إِلٰهيَّة اِحْتَاجَت إِلى مُعَلِّمٍ إِلٰهيٍّ . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بیان قوله تقدَّس ذكره : [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ](1). 2ـ بيان حديث الثقلين الوارد عن سيِّد الأَنبياء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : «أَيُّها النَّاس ، إِنِّي تارك فيكم ما إِنْ أَخذتم به لن تضلوا بعدي : أَمرين أَحدهما أَكبر من الآخر : كتاب الله؛ حبل ممدود ما بين السَّماء والأَرض ، وعترتي أَهل بيتي ، وإِنَّهما لن يفترقا حتَّىٰ يردا عَلَيَّ الحوض»(2). / المرادفات اللُّغويَّة والعقليَّة والوجوديَّة تأتي في فقه الفروع أَيضاً / وهذه القضيَّة تأتي في أَبواب فقه الفروع أَيضاً ، فإِنَّ مَنْ يجمد علىٰ الأَلفاظ ولا يتعامل مع مرادفاتها : (اللُّغويَّة)، و(العقليَّة)، و(الوجوديَّة والتَّلازمات الواقعية) فقد شَطَّ عن الحقيقة ، واِرْتَكَب جريمة علميَّة ، وصار حشويّاً وقشريّاً ، أَخباريُّ المسلك كان أَم أُصوليّاً ، شعر بذلك أَم لا. / عصارة ما تقدَّم / وبالجملة : لا يصحُّ للباحث إِذا أَراد الوصول لحقائق الدِّين وغيرها التَّشبُّث بالقشر وسطع وظاهر الأَدلَّة فحسب ، بل لابُدَّ من التَّوَغُّل والغَوْرِ ـ بالموازين والشَّواهد العلميَّة ـ في بطون معانيها وحقائقها بحيث لا تتناقض ولا تتصادم النتائج مع مُحكمات الدِّين . وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي، منها: أَوَّلاً: بيان سيِّد الأَنبياء في وصيَّته لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما وعلى آلهما : «يا عَلِيّ ، إِنَّ هذا الدِّين متين فأَوغل فيه برفق ...»(3). ثانياً: بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «إِنَّ قوماً آمنوا بالظَّاهر وكفروا بالباطن فلم ينفعهم شيء، وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظَّاهر فلم ينفعهم ذلك شيئاً، ولا إِيمان بظاهرٍ إِلَّا بباطنٍ، ولا بباطنٍ إِلَّا بظاهرٍ»(4). ودلالتهما واضحة. / نظرة الحشويَّة وأَصحاب القشر والظَّاهر/ ثُمَّ إِنَّ مَنْ يكون ديدنه النَّظر بنظرةٍ سطحيَّةٍ لبيانات الوحي الإِلٰهيّ لا يلتفت إِلى هذه الأَقسام الوسيعة من التَّواتر، ولا يُؤمن بها، بل يعدُّها ثلمة علميَّة ومعرفيَّة علىٰ مَنْ يعمل بها. فالتفت. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) آل عمران: 7. (2) بحار الأَنوار، 23: 152/ح114. الدر المنثور، 2: 60. (3) بحار الأَنوار، 68: 214/ح8. الكافي: 2: 87. (4) بحار الأَنوار، 69: 97/ح13. بصائر الدرجات، 2: 518/ح1896ـ 5. مختصر البصائر: 78